تاريخ مصر
** تاريخ مصر هو تاريخ الحضارة
الإنسانية حيث أبدع الإنسان المصرى وقدم حضارة عريقة سبقت حضارات شعوب العالم ..
حضارة رائدة فى ابتكاراتها وعمائرها وفنونها حيث أذهلت العالم والعلماء بفكرها
وعلمها فهى حضارة متصلة الحلقات تفاعل معها الإنسان المصرى وتركت فى عقله ووجدانه
بصماتها .
** لقد
كانت مصر أول دولة فى العالم القديم عرفت مبادئ الكتابة وابتدعت الحروف والعلامات
الهيروغليفية ، وكان المصريون القدماء حريصين على تدوين وتسجيل تاريخهم والأحداث
التى صنعوها وعاشوها ، وبهذه الخطوة الحضارية العظيمة انتقلت مصر من عصور ما قبل
التاريخ وأصبحت أول دولة فى العالم لها تاريخ مكتوب ، ولها نظم ثابتة ولذلك اعتبرت
بكافة المعايير أما للحضارات الإنسانية .
إن
لمصر دورها الحضارى والتاريخى والدينى حيث كانت المكان الذى احتضن الأنبياء .
والأرض التى سارت خطوات الأنبياء والرسل عليها .. فجاء إليها أبو الأنبياء إبراهيم
عليه السلام وتزوج منها السيدة هاجر .. وجاء إليها يوسف عليه السلام وأصبح فيها
وزيرا وتبعه إليها أبوه يعقوب .. ودار أعظم حوار بين الله عز وجل وبين موسى عليه
السلام على أرضها.
وإلى
مصر لجأت العائلة المقدسة السيدة مريم العذراء والسيد المسيح طفلاً ويوسف النجار
وقاموا برحلة تاريخية مباركة فى أرضها .. وقد اختار الله سبحانه وتعالى مصر بالذات
لتكون الملجأ الحصين الذى شاءت السماء أن يكون واحة السلام والأمان على الدوام
وملتقى الأديان السماوية .
لقد
تتابعت على أرض مصر حضارات متعددة فكانت مصر مهداً للحضارة الفرعونية ، وحاضنة
للحضارة الإغريقية والرومانية ومنارة للحضارة القبطية ، وحامية للحضارة الإسلامية.
لقد اتسم شعب مصر على طول التاريخ بالحب والتسامح والود والكرم الذى تميز به هذا
الشعب حيث امتزج أبناء مصر فى نسيج واحد متين00 وهكذا دائماً يكون شعب مصر مصريين
قبل الأديان ومصريين إلى آخر الزمان .
أولاً : العصر الفرعونى
عصر
الدولة القديمة (2980 - 2475 ق.م)
تطورت
الحضارة المصرية وتبلورت مبادئ الحكومة المركزية ، وشهد عصر هذه الدولة نهضة شاملة
فى شتى نواحى الحياة، حيث توصل المصريون القدماء إلى الكتابة الهيروغليفية أى
(النقش المقدس) ، واهتم الملوك بتأمين حدود البلاد ونشطت حركة التجارة بين مصر
والسودان . واستقبلت مصر عصراً مجيداً فى تاريخها عرف باسم عصر بناة الأهرامات ،
ومع تطور الزراعة والصناعة استخدم المصريون أول أسطول نهرى لنقل منتجاتهم . وبلغت
الملاحة البحرية شأنا عظيما وأصبحت حرفة منظمة كغيرها من الحرف الراسخة التى
اشتهرت بها مصر القديمة .
عصر
الدولة الوسطي (2160- 1580 ق.م )
اهتم
ملوك الدولة الوسطى بالمشروعات الأكثر نفعا للشعب فازدهرت الزراعة
وتطورت المصنوعات اليدوية ، وأنتج الفنانون المصريون والمهندسون تراثاً رائعاً
انتشر فى الأقصر والفيوم وعين شمس . كذلك ازدهر الفن والأدب فى هذا العصر ولكن
نهاية حكم هذه الدولة شهد غزو الهكسوس واحتلالهم لمصر .
عصر
الدولة الحديثة (1580 - 1150ق.م)
بعد
أن تم للملك أحمس الأول القضاء على الهكسوس وطردهم خارج حدود مصر الشرقية عاد
الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد . وبدأت مصر عهداً جديداً هو عهد الدولة الحديثة
، وأدركت مصر أهمية القوة العسكرية لحماية البلاد ، فتم إنشاء جيش قوى
لتكوين إمبراطورية عظيمة امتدت من نهر الفرات شرقاً إلى الشلال الرابع على نهر
النيل جنوباً. وأصبحت مصر قوة عظمى ، وصارت بذلك إمبراطورية عظيمة مترامية الأطراف
وأقدم إمبراطورية فى التاريخ. لقد حاز ملوك وملكات الأسرة الثانية عشرة شهرة
عالمية فى ميادين السياسة والحرب والثقافة والحضارة والدين .. "أحمس"
بطل التحرير .. "امنحوتب الأول" العادل الذى أصدر قانونا
بمنع السخرة وبوضع المعايير العادلة للأجور والحوافز .. "تحتمس الأول"
المحارب الذى وسع الحدود المصرية شمالا وجنوبا ونشر التعليم وتوسع فى فتح
المناجم وصناعة التعدين .. و"تحتمس الثالث" الامبراطور صاحب العبقرية
العسكرية الفذة وأول فاتح عظيم فى تاريخ العالم .. و"تحتمس الرابع"
الدبلوماسى الذى كان أول من اهتم بتدوين وتسجيل المعاهدات الدولية..
و"امنحوتب الثالث" أغنى ملك فى العالم القديم والذى فتح المدارس
"بيوت الحياة" لنشر التعليم والفنون التشكيلية والتطبيقية ..
و"اخناتون" أول الموحدين وأول ملك فى تاريخ الانسانية نادى بوحدانية
الله خالق كل شئ وأنشأ عاصمة جديدة للبلاد وأسماها اخيتاتون .. و"توت عنخ
آمون" الذى حاز شهرة كبيرة فى العالم المعاصر .
ومن
أشهر ملكات هذه الأسرة على سبيل المثال الملكة " اياح حتب" زوجة الملك
"سقنن رع" ، والملكة " أحمس نفرتارى " زوجة أحمس الأول ،
والملكة "تى" بنت الشعب وزوجة امنحوتب الثالث وأم اخناتون ، والملكة
"نفرتيتى" زوجة "اخناتون" والملكة العظيمة
"حتشبسوت" التى حكمت مصر قرابة عشرين عاما . وبلغت مصر فى عهدها
أعلى قمة فى الحضارة والعمارة والتجارة الدولية حيث أرسلت البعثة البحرية التجارية
والعلمية الى بلاد بونت كذلك شيدت واحدا من أعظم الآثار المعمارية وأكثرها روعة
وفخامة وهو معبد "الدير البحرى" على الشاطئ الغربى للنيل فى مواجهة
الأقصر وهو معبد فريد فى تصميمه وليس له مثيل بين معابد العالم القديم كلها .
وتعرضت
مصر منذ حكم الأسرة 21 حتى الأسرة 28 لاحتلال كل من الآشوريين عام 670 ق.م ثم
الفرس حتى انتهى حكم الفراعنة مع الأسرة 30 ودخول الإسكندر الأكبر مصر.
فنون
الحضارة الفرعونية :
*
العمارة
برع
المصريون فى فن العمارة وآثارهم الخالدة خير شاهد على ذلك ففى الدولة القديمة شيدت
المصاطب والأهرامات وهى تمثل العمائر الجنائزية ، وأول هرم بنى هو هرم زوسر ، ثم
هرم ميدوم ، إلا أن أشهرها جميعاً أهرامات الجيزة الثلاث وتمثال أبو الهول
وشيدت فى عهد الأسرة الرابعة وبلغ عدد الأهرامات التى بنيت لتكون مثوى للفراعنة
97 هرماً .
ثم
بدأ انتشار المعابد الجنائزية فى عصر الدولة الوسطى واهتم ملوك الأسرة الـ 12
بمنطقة الفيوم بأعمال الرى فيها ، وأشهر معابد أنشأها ملوك هذه الأسرة معبد
اللابرانت أو "قصر التيه" كما سماه الإغريق والذى شيده الملك "
أمنمحات الثالث" فى هوارة كما شيد القلاع والحصون والأسوار على حدود مصر
الشرقية .
ويعتبر
عصر الدولة الحديثة من أعظم الفترات التي شهدت نهضة في أساليب العمارة والصور
الجدارية والحرف والفنون الدقيقة التى تظهر على حوائط بعض المعابد الضخمة
المتنوعة التصميمات كالكرنك والأقصر وأبو سمبل .
ويعتبر
عهد تحتمس الأول نقطة تحول فى بقاء الهرم ليكون مقبرة ، إلي جانب نحت مقابر
مختفية فى باطن الجبل فى البر الغربى بالأقصر تتسم بالغنى والجمال فى أثاثها
الجنائزى ويظهر ذلك بوضوح فى مقبرة الملك "توت عنخ آمون" .
وقد
عمد فنانو هذه الدولة - للحفاظ على نقوش الحوائط - إلى استخدام الحفر الغائر
والبارز بروزاً بسيطاً حتى لا تتعرض للضياع أو التشويه ، وآخر ما اكتشف من مقابر
وادى الملوك مقبرة أبناء رمسيس الثانى التى تعد من أكبرها مساحة وتحتوى على 15
مومياء .
أما
المسلات الفرعونية فقد كانت تقام فى ازدواج أمام مداخل المعابد وهى
منحوتة من الجرانيت ، ومن أجمل أمثلة عمائر عصر الامبراطورية المصرية القديمة
معابد آمون وخوفو والكرنك والأقصر والرمسيوم وحتشبسوت بالبر الشرقى والمعابد
المنحوتة فى الصخر مثل أبو سمبل الكبير وأبو سمبل الصغير.
وظهرت
اتجاهات جديدة فى فنون العمارة والفنون التشكيلية والتطبيقية برزت بصورة واضحة فى
فن نحت التماثيل الضخمة والصغيرة وزخرفة أعمدة المعابد والنقوش الجدارية .
*
الأدب
تؤكد
آثار المصريين براعتهم فى الكتابة والأدب ويظهر ذلك واضحاً فيما تركه
المصريون من آثار ، ولن ينسى التاريخ فضل المصريين على الإنسانية فى اختراع
الكتابة التى سماها الاغريق "بالخط الهيروغليفى" وتتكون الأبجدية
الهيروغليفية من 24حرفاً واستخدم المصريون القدماء المداد الأسود أو الأحمر فى
الكتابة على أوراق البردى .
وبرع
المصريون فى الأدب الدينى الذى تناول العقائد الدينية ونظرياتهم عن الحياة
الأخرى وأسرار الكون والأساطير المختلفة للآلهة والصلوات والأناشيد ومن أقدم أمثلة
الأدب الدينى "نصوص الأهرامات" و "كتاب الموتى".
كما
برع الأديب المصرى القديم فى كتابة القصص وحرص على أن تكون الكلمة أداة توصيل
للحكمة وآداب السلوك وظل المصريون حريصين على رواية تراثهم من الحكم والأمثال وعلى
ترديدها بأعيادهم واحتفالاتهم وتقاليدهم .
وبذلك
كان المصريون من أحرص شعوب العالم على تسجيل وتدوين تاريخهم والأحداث التى تعرضوا
لها فى حياتهم ومن ثم ظهر العديد من الأدباء والحكماء والمثقفين المصريين
الذين تركوا لنا أعمالا تدل على مدى رقي الفكر والثقافة فى مصر .
*
الموسيقي
أحب
المصرى القديم الموسيقى والغناء ، ومن ثم أقبل عليها واستخدمها فى تربية النشء
وفى الاحتفالات العامة والخاصة وخاصة فى الجيش ، كما استخدموها فى الصلوات
ودفن الموتى .
وقد
عرف المصريون فى عصر الدولة القديمة آلات النفخ والوتريات مثل
"الهارب" (اسمها الفرعونى تيبوتى) وابتدعوا أنماطا وأشكالا من الآلات
التى تؤدى الإيقاعات والنغمات المختلفة وقاموا بتطويرها عبر مراحل تاريخهم القديم
.
*
التزيين
عرف
قدماء المصريين التجمل بالحلى التى تميزت بالدقة الفنية العالية وجمال التشكيل إلي
جانب استخدام العناصر الزخرفية من الطبيعة مثل نبات البردى والنخيل وزهر اللوتس
كما استخدموا الأحجار الكريمة ، وحرصت المرأة بصفة خاصة على الاهتمام بزينتها
واستخدمت الكحل والأساور والعقود والخواتم والقلائد والحنة .
واختلفت
الملابس فى مصر الفرعونية من طبقة إلى أخرى ، إذ كانت تصنع من الكتان
الناعم أو من الأقمشة الحريرية المستوردة من بلاد سوريا القديمة ، كما كانت
الملابس تتنوع باختلاف المناسبات .
ثانياً : العصر اليونانى
نجح
الإسكندر المقدونى فى هزيمة الفرس فى آسيا الصغرى ثم فتح مصر عام 333 ق.م وطرد
منها الفرس ، وقد توج الإسكندر نفسه ملكاً على منهج الفراعنة ووضع أساس
مدينة الإسكندرية ثم حج إلى معبد آمون فى واحة سيوة والذى كان يتمتع بشهرة
عالمية واسعة فى ذلك الوقـــت .
مصر
تحت حكم البطالمة 333-30 ق.م
بعد
وفاة الإسكندر أسس "بطليموس" - أحد قواد الإسكندر - حكم البطالمة فى مصر
الذى استمر من عام 323 ق.م حتى عام 30 ق.م وقد ظلت دولة البطالمة قوية فى عهد
ملوكها الأوائل ثم حل بها الضعف نتيجة ثورة المصريين ضدهم ولضعف ملوكها .. واستغلت
روما هذه المنازعات لبسط نفوذها على مصر وقضت على البطالمة سنه 30 ق.م أيام
حكم الملكة كليوباترا .
مظاهر
الحضارة المصرية فى عهد البطالمة :
بنى
البطالمة فى الإسكندرية القصور والحدائق وأصبحت الإسكندرية مركزاً للحضارة
حيث ذاعت شهرتها فى مجال الفن والعلم والصناعة والتجارة كما أنها كانت
الميناء الأول فى البحر المتوسط بفضل منارتها الشهيرة التى اعتبرها الإغريق
إحدى عجائب الدنيا السبع .
وقد
قامت بالإسكندرية حضارة إغريقية مصرية عظيمة تمثلت فى:
-
جامعة الإسكندرية : أنشأها البطالمة ويرجع الفضل إلى علمائها فى التوصل إلى حقائق
علمية عن دوران الأرض حول الشمس وتقدير محيط الكرة الأرضية ، وقد اشتهرت الجامعة
بدراسة الطب خاصة التشريح والجراحة ومن أشهر العلماء فى جامعة الإسكندرية
"إقليدس" عالم الهندسة ، و"بطليموس" الجغرافى
و"مانيتون" المؤرخ المصرى.
-
مكتبة الإسكندرية وأثرها الثقافى: أنشأ البطالمة فى الإسكندرية مكتبة ضخمة
كانت تعد أعظم مكتبة فى العالم احتوت على أكثر من نصف مليون لفافة بردى ،
وقد أمر البطالمة أن يُهدِِى كل زائر من العلماء مدينة الإسكندرية نسخة من
مؤلفاته وبذلك وصل عدد الكتب بالمكتبة إلي أكثر من 700 ألف كتاب .
عمل
البطالمة على احترام ديانة المصريين وقدموا القرابين للمعبودات
المصرية، وشيدوا لها المعابد مثل معبد إدفو ومعبد دندرة ومعابد فيلة بأسوان
، وكان البطالمة يظهرون فى الحفلات الرسمية بزى الفراعنة .
ثالثا
: العصر الرومانى
فتح الرومان مصرعام 30 ق.م
وأصبحت إحدى ولاياتها أثمن ممتلكات الإمبراطورية الرومانية لموقعها الجغرافى
الفريد وخصوبة أرضها ذات الإنتاج الوفير ونهضتها العمرانية والثقافية والحضارية
وازدهرت الزراعة فى العصر الرومانى .
اشتهرت
صناعة الزجاج التي تعد من أرقى الصناعات المصرية حتى أنه يرجع إلى مصر
ابتكار فن تشكيل الزجاج بالنفخ، واحتكرت مصر صناعة الورق ، كما اشتهرت
بصناعة العطور وأدوات الزينة والمنسوجات الكتانية الرفيعة .
من
هنا أصبحت العاصمة المصرية “الإسكندرية” أكبر مركز تجارى وصناعى فى شرق البحر
المتوسط وثانى مدن الإمبراطورية الرومانية كما استمرت جامعة الإسكندرية فى
عهد الرومان مركزاً للبحث العلمى ومقراً للعلماء من شتى أنحاء العالم .
رابعاً : العصر القبطى
دخلت
المسيحية مصر في منتصف القرن الأول الميلادي ومع دخول القديس مرقس الأسكندرية عام
65م تأسست اول كنيسة قبطية في مصر .
وقد
لاقي المسيحيون في أواخر القرن الثالث الميلادي الاضطهاد علي يد الامبراطور
دقلديانوس وقد أطلق علي هذه الفترة عصر الشهداء لكثرة من استشهد فيها من الاقباط .
واتخذ القبط من السنة التي اعتلي فيها دقلديانوس العرش (284م) بداية للتقويم
القبطي ، ومن أبرز مظاهر هذا العصر انتشار نزعة الزهد بين المسيحيين والتي نتج
عنها قيام الرهبنة وانشاء العديد من الأديرة في جميع أنحاء مصر .
مظاهر
الحضارة القبطية في مصر
نهضت
العمارة القبطية بروح الفن الفرعونى القديم وأكملت حلقة من حلقات الفن المتصلة منذ
الحضارة الفرعونية والحضارة اليونانية والرومانية بمصر ، وتعد الكنائس التى شيدت
فى القرن الخامس الميلادى نموذجاً للعمارة والفن القبطى .
وكان
التصوير السائد فى العصر القبطى امتداداً للطريقة التى تواترت من العصور السابقة
فى مصر وهى التصوير بألوان الاكاسيد الفرسك على الحوائط المغطاة بطبقة من الجبس.
وكما
عرف المصريون القدماء الموسيقى نشأ فى العصر القبطى فى مصر فن موسيقى كنسى يساير
النزعة الفنية الموسيقية للانغام المصرية القديمة وما زالت الالحان التى
تعزف فى الكنيسة القبطية حالياً تحمل اسماء فرعونية مثل اللحن السنجارى وكذلك
اللحن الاتريبى .
خامساً: العصر الإسلامي :
تم
فتح مصر في عهد عمر بن الخطاب علي يد عمرو بن العاص عام 20هـ /641م ، وبدأت مصر
مرحلة هامة من مراحل التاريخ في مصر الإسلامية اضطلعت خلالها بدور مهم عبر مراحل
التاريخ المختلفة التي امتدت من خلال عدة عصور بدءاً بالعصر الأموي ، ثم العباسي
فالأخشيدي فالفاطمي ، ثم الأيوبي ثم عصر المماليك وأخيراً الدولة العثمانية التي
كانت مصر إحدي ولاياتها لنحو ثلاثمائة عام .
مظاهر
الحضارة الإسلامية في مصر
شهدت
مصر خلال الحكم الإسلامى نهضة شاملة فى العمران والفنون تمثلت فى العمارة
الإسلامية بإنشاء العديد من المساجد والقلاع والحصون والأسوار ، كذلك الفنون
الزخرفية التى تمثلت فى أول عاصمة إسلامية فى مصر وهى مدينة
"الفسطاط" وبها جامع عمرو بن العاص ، ويعد مقياس النيل بجزيرة الروضة
أقدم أثر مصرى إسلامى والذى أنشأه الخليفة العباسى المتوكل بالله عام
245هـ .
ويتجلى
ازدهار العمارة الإسلامية فى مدينة القطائع ، وجامع أحمد بن طولون
الذى شيد على نهج جامع عمرو بن العاص مع إضافة النافورة والمئذنة والدعامات
والزخرفة واللوحة التأسيسية .. وتعد مئذنة جامع ابن طولون هى الوحيدة فى مساجد مصر
التى لها هذا الشكل وهى مستمدة من المعابد الفارسية المعروفة باسم الزيجورات
.
وتقدمت
العمارة الإسلامية فى العهد الفاطمى ويعد الجامع الأزهر من أشهر فنون العمارة
الفاطمية فى مصر ، وكذلك الجامع الأنور "الحاكم بأمر الله"
والجامع الأقمر ، ويعد مشهد الجيوشى نموذجاً لتشييد القباب وإنشاء المساجد .
وتميز
العصر الأيوبى بتقدم العمارة، ومن أشهر معالمها بناء " قلعة صلاح الدين"
وتمثل هذه القلعة العمارة الإسلامية منذ الدولة الأيوبية حتى عصر "محمد
على" .
كما
ترك المماليك ثروة فنية عظيمة تمثلت فى المساجد والقباب ودور الصوفية
والقصور والمدارس والقلاع والأسبلة .
سادساً
: العصر الحديث
يعتبر "محمد على" بحق
مؤسس مصر الحديثة لما قام به من إصلاحات شملت جميع نواحى الحياة بما يتفق مع روح
العصر الحديث ، فبدأ ببناء جيش مصر القوى وأنشأ المدرسة الحربية، ونشأت
صناعة السفن فى بولاق والترسانة البحرية فى الإسكندرية . وأصلح أحوال الزراعة
والرى وأنشأ القناطر والسدود والترع، وأنشأ المصانع والمعامل لسد حاجة الجيش وبيع
الفائض للأهالى ، وفى مجال التجارة عمل "محمد على" على نشر الأمن لطرق
التجارة الداخلية وقام بإنشاء أسطول للتجارة الخارجية حيث ازدهرت حركة التجارة فى
مصر .
ونشر
التعليم لسد حاجة دواوين الحكومة فأنشأ المدارس على اختلاف مستوياتها وتخصصاتها
وأرسل البعثات إلى أوروبا ولنقل العلوم الحديثة .
وحاول
أبناء محمد على أن يسلكوا مسلكه فى محاولة اللحاق بالحضارة الأوروبية، فشهدت
البلاد فى عهد الخديوى إسماعيل نهضة تمثلت فى الإصلاح الإدارى كما شهدت الصناعة
والزراعة نهضة وازدهاراً كبيراً فى عهده واهتم بالبناء والعمارة، وأنشأ دار
الأوبرا القديمة ، ومد خطوط السكك الحديدية ، وفى عهده افتتحت قناة السويس للملاحة
الدولية .
وقد
شهدت مصر عدة ثورات ضد التدخل الأجنبى حيث اشتدت الحركة الوطنية فكانت ثورة عرابى
عام 1882 التى انتهت باحتلال بريطانيا لمصر والتي أعلنت الحماية على مصر عام
1914وانتهت تبعيتها الرسمية للدولة العثمانية .
دخلت
مصر الى القرن العشرين وهى مثقلة بأعباء الاستعمار البريطانى بضغوطه لنهب ثرواتها
، وتصاعدت المقاومة الشعبية والحركة الوطنية ضد الاحتلال بقيادة كل من مصطفى كامل
ومحمد فريد وظهر الشعور الوطنى بقوة مع ثورة 1919 للمطالبة بالاستقلال وكان للزعيم
الوطنى سعد زغلول دور بارز فيها ، ثم تم إلغاء الحماية البريطانية على مصر فى عام
1922 والاعتراف باستقلالها وصدر أول دستور مصرى عام 1923 .
سابعاً : ثورة 23 يوليو
قاد
جمال عبد الناصر ثورة 23 يوليو 1952 .. والتى قامت بالعديد من الانجازات من
أهمها إصدار قانون الإصلاح الزراعى ، ووضعت أول خطة خمسية للتنمية الاقتصادية
والاجتماعية فى تاريخ مصر 1960 وحققت أهدافها فى تطوير الصناعة والانتاج وإنشاء
السد العالى 1960-1970 ونهضت البلاد فى مجال التعليم والصحة والإنشاء والتعمير
والزراعة . وفى مجال السياسة الخارجية عملت ثورة يوليو على تشجيع حركات التحرير من
الاستعمار كما اتخذت سياسة الحياد الإيجابى مبدآً أساسياً فى سياساتها الخارجية .
وأدركت
إسرائيل منذ نشأتها الدور القيادى لمصر فى العالم العربى فقامت فى 5يونيو 1967م
بشن هجوم غادر على مصر وسوريا والأردن واحتلت سيناء والجولان والضفة الغربية للأردن
.
واستطاع
جيش مصر برغم فداحة الخسارة أن يعبر هذه المحنة فى صموده أمام القوات الاسرائيلية
ودخوله حرب الاستنزاف ، وفى ذلك الوقت توفى قائد ثورة يوليو الزعيم جمال عبد
الناصر فى سبتمبر 1970 .
وتولى
الحكم الرئيس أنور السادات وبدأ سياسة إعداد الدولة لحرب التحرير ووضعت كافة
إمكانات الدولة استعداداً للحرب حتى كان يوم السادس من أكتوبر 1973 ، قام الجيشان
المصرى والسورى فى وقت واحد ببدء معركة تحرير الأرض العربية من الاحتلال
الاسرائيلى وانتصر الجيش المصرى ورفعت أعلام مصر على الضفة الشرقية لقناة السويس
بعد ساعات من الهجوم .
وقد
حققت القوات المصرية انتصاراً باهراً فى حرب أكتوبر 1973 مما جعل الرئيس أنور
السادات يفكر فى حل النزاع العربى الاسرائيلى حلاً جذرياً وإقامة سلام دائم وعادل
فى منطقة الشرق الأوسط فوقعت مصر على معاهدة السلام مع إسرائيل (كامب ديفيد ) فى 26مارس
1979 بمشاركة الولايات المتحدة بعد أن مهدت لها زيارة الرئيس السادات لاسرائيل فى
1977، وانسحبت اسرائيل من شبه جزيرة سيناء فى 25 ابريل 1982، وانسحبت من شريط طابا
الحدودى بناء على التحكيم الذى تم فى محكمة العدل الدولية .
بدأ
عهد الرئيس مبارك فى أكتوبر 1981 بالعمل على تحقيق استقرار الجبهة الداخلية
وتدعيم وترسيخ مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون والسلام الاجتماعى والوحدة
الوطنية .
وكان
الاهتمام الأكبر خلال هذه المرحلة هو تحقيق التنمية الشاملة والمتواصلة من خلال
خطط التنمية المختلفة التى تمت ومازالت مستمرة حيث شهدت البلاد نهضة كبرى فى خدمات
التعليم والصحة والثقافة والإعلام وجميع قطاعات الانتاج وذلك بعد استكمال مواصلة
إقامة البنية الأساسية .